العز للإسلام والمسلمين
قال هرقل وهو على أنطاقية لما قدمت منهزمة الروم: ويلكم أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم.. أليسوا بشراً مثلكم؟قالوا بلى. قال فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا بل نحن منهم أضعافاً في كل وطن. قال فما بالكم تهزمون؟ فقال شيخ من حكمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويتناصفون بينهم، ومن أجل أننا نشرب الخمر ونزني ونركب الحرام وننقض العهد ونغضب ونظلم ونأمر بالسخط وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض. فقال لئن كنت قد صدقتني ليرثن ما تحت قدمي هاتين، وهكذا كان.. هذه شهادة عدوكم لكم أيها الإخوة بالخيرية، فهلا اشتاقت أنفسكم لأن تكونوا سادة على عرش الوجود تمخرون عبابة وتتسنمون سمت السماك. أما آن لكم أن تخرجوا من بينكم من يخاطب السحاب بعد أن تدين له الرقاب.. أما آن لكم أن تكونوا قدر الله على أعدائه عباداً لنا أولي بأس شديد. أما آن لكم أن تتفيأ البشرية في ظلالكم إلى ربوات الأمن والسلم والعدل والإيمان..
أما آن لكم أن تنفضوا عن كواهلكم غبار ذل غبرت. أما آن لكم أن تجدوا ذاتكم وقد ضاعت بين الركام. أما آن لكم أن تستشعروا مسؤوليتكم في قيادة البشرية. أما آن لكم أن يسعد بكم ساكن الأرض يرضى عنكم رب السماء والأرض. أما آن لكم أن تخرجوا من بينكم أميراً للمؤمنين يحبكم وتحبونه ويرضى عنكم وترضون وتسيرون معه إلى رحاب الظفر والنصر تتلون على سمع الورى، ((واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره)) أما آن لكم أن تحوزوا خيري الدنيا والآخرة. يا قوم هذه أيام المفاصلة، فلا ألفين أحداً منكم يعض أصابع الندم بعد فوات الأوان يقول يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً. لا ألفين أحداً منكم وقد فات قطار الخير يتحسر ويقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا..فلا ينفع الندم بعد فوات أوانه وقد كان ينفع من قبل.. ((لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل)).. فلمثل ذلك اليوم الأغر فليعمل العاملون.. وإلى رضوان الله وفردوسه الأعلى فليتنافس المتنافسون.. قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا الله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد.