كنا قي بداية هذه الجولات قد أفردنا واحدة للمال والغنى والفقر ونرى اليوم في هذه الجولة الجديدة صلة وثيقة وامتدادا طبيعيا للجولة السابقة...حيث أن الدنيا تقبل على المرء أحيانا وتعرض عنه أحايين كثيرة وفي هذا الإعراض والإقبال يعرض بعض عبدة الدنيا ويقبل بعضهم فهم ظل الدنيا الملازم لها والسائر في ركابها والراحل معها أينما ارتحلت أو أقبلت أو أدبرت مما يزيد من معاناة النفس المتألمة ويدفع بالنفس المغرورة الجاهلة الى الركون والإستكانة الحمقاء أغلب الأحايين متناسية أو ناسية أنه-لايلدغ المؤمن من الجحر ذاته مرتين-
هذه أيها الأحبة جولتنا تتجدد بعد غيبة قسرية قصيرة ولنعرج على أقوال بعض الشعراء
كثير من يعلم أن مجاورة السلاطين والحكام تجلب النعمة على البعض وغضبهم على البعض يجعلهم كالوباء الذي ينفر منه الجميع ويفر.. وهذا الحال ينطبق مع ابن مقلة الخطاط الذي غضب عليه الحاكم حين شك في مراسلته خصومه فقطع اليد التي أبدعت نفائس المخطوطات وألقي به في دائرة المغضوب عليهم والمحبوسين في عزلة إعراض من كان بالأمس يدعي المحبة وحين رضي عنه أقبلت الزحوف عليه فقال هذه الأبيات الرائعة في فكرة اليوم
تحالف الناس والزمــــــــــــــــــــــــــــان فحيث كان الزمان كانــــــــــــــــــوا
عادني الدهر نصف يــــــــــــــــــــــــــوم فانكشف الناس لي وبانـــــــــــــــوا
يا أيها المعرضون عنــــــــــــــــــــــــــا عودوا فقد عاد لي الزمـــــــــــــــــان
ونجد قول عبد الله بن كثير
الناس أتباع من دامت له النعــــــــــــــــــــــــــــم والويل للمرء إن زلت به القـــــــــــــــــدم
المال زين ومن قلت دراهمـــــــــــــــــــــــــــــــه حي كمن مات إلا أنه صنــــــــــــــــــــــــم
لما رأيت أخلائــــــــــــــــي وخالصتــــــــــــــــي والكل مستتر عني ومحتشـــــــــــــــــــــم
أبدوا جفاء وإعراضا فقلت لهــــــــــــــــــــــــــم أذنبت ذنبا؟ فقالوا ذنبك العــــــــــــــــــــدم
ويقول علي بن عيسى الوزير
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبهــــــــــــــــــــــا فكلما انقلبت يوما به انقلبــــــــــــــــــــــوا
يعظمون أخا الدنيا فإن وثبــــــــــــــــــــــــــــت يوما عليه بما لا يشتهي وثبـــــــــــــــــوا
ونقرأ لإبراهيم بن عباس الصولي
أخ بيني وبين الدهـــــــــــــــر صاحب أينا غلبـــــــــــــــــــا
صديقي ما استقـــــــــــام وإن نبا دهر علي نبـــــــــــــــــــا
وثبت على الزمان بـــــــــــــه فعاد به وقد وثبـــــــــــــــــــا
ولو عاد الزمان لنــــــــــــــــا لعاد به أخا حدبـــــــــــــــــــا
ونحن في حلنا وارتحالنا في نزاع مع الدنيا أينا يغلب ورحم الله مهدي الفصيح حين قال
ننازع دنيانا على كل مغنــــــــــــــــــــــــــــــم ونقنع منها بالحطام المحطـــــــــــــــــــــم