سبحان الذي كتب على عباده الموت في الدنيا، ليكون هذا الغائب الحاضر" الموت" حقيقة من الحقائق الثابتة التي لا يمكن لا للملحدين ولا للمؤمنين نكرانها، فالجميع يؤمنون أنهم ميتون، وأنهم سينتقلون في لحظة من اللحظات إلى عالم آخر، عالم لم نألفه، وليس لدينا تصور كامل عنه، بل عالم آخر بكل معنى هذه الكلمة، والانتقال إلى هذا العالم سيكون بلحظة انفصال الروح عن الجسد، إذاً الكل ميت، والدنيا فانية شئنا أم أبينا.
الإنسان في حقيقته جملة من الأمنيات القريبة والبعيدة، وهذه الأمنيات هي التي تخلق الأمل، والأمل هو الذي يجعل الإنسان متعلقاً متشبثاً بالحياة، وأمنيات بني ادم كبيرة بكبر هذا الكون، وهذه الأمنيات لا دخل لواقع الإنسان بها فالكل يحلم الفقير يحلم والغني يحلم، الحر يحلم الأسير يحلم، بل أحيانا نجد أن الفقراء أكثر حلماً من الأغنياء، لان الأغنياء تتحقق اغلب أمنياتهم المادية والروحية، لكن الفقراء فهم لم يحققوا اغلب أمنياتهم.
وهكذا تستمر الحياة، وفي عام من الأعوام، وفي يوم من الأيام، وفي ساعة من الساعات، وفي مكان من الأماكن تنفصل روح الإنسان عن جسده الضعيف، ليكون في هذه اللحظة جثة هامدة وليكون، حينها، بقاؤه في هذه الدنيا تحت شعار: " إكرام الميت دفنه"، وساعتها تنتهي رحلة العمر اليسيرة لتبدأ بعدها الانطلاقة إلى مرحلة جديدة: إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، أعاذنا الله وإياكم منها.