منتديات سلطان العربية
 ماض وحاضر 613623[/center]
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  ماض وحاضر 829894
ادارة المنتدي  ماض وحاضر 103798
منتديات سلطان العربية
 ماض وحاضر 613623[/center]
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  ماض وحاضر 829894
ادارة المنتدي  ماض وحاضر 103798

منتديات سلطان العربية

تقافي تربوي ترفيهي
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

شاطر
 

  ماض وحاضر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin

عدد المساهمات : 14550
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/02/2012

 ماض وحاضر Empty
مُساهمةموضوع: ماض وحاضر    ماض وحاضر I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 12, 2016 2:19 pm

- الأفق جرح ينزف .. أترى ؟ 

- لا أرى شيئا .. برد الشمال سيداوي كل الجروح .

البحر يبدو ساكنا ، لسان الموجة يمتد بلطف على رمال الشاطئ في حين تغرق الشمس ببطء وسط غبش المساء الكثيف ..

صديقي  يفرد رجليه على الرمل الندي يبدو لي أنه يطالع صورا أخرى غير مشهد الغروب المعتاد ، عقب سيجارة بين يديه بينما يواصل التحديق بعيدا .

غير بعيد منا يجلس العم "محمود" بهدوء على النتوء الصخري المجاور.. خيط سنارته يتمايل وسط الماء . الراديو العتيق داخل جيب سترته الزرقاء يرسل صوتا خافتا لأغنية قديمة لا أكاد أتبين كلماتها . على مقربة منه يتحلق مجموعة من الأطفال حول قطع الدومينو .



- إذن ماذا تريد أن تفعل ؟

- سأركب الموجة الهاربة وأرحل .

- سوف تموت .. أنت أحمق .

صديقي يشعل عقب سيجارته يأخذ نفسا عميقا ثم يبتسم .


لا أستطيع أن أفهم ما  يدور برأسه ، أشعر أنه يتلاشى .. الخيط الذي يربطه بهذه الأرض قد انقطع ، أتخيله زورقا يتخبط وسط الموج ولا شيء يشده إلى اليابسة ..

 - ألن تجلس ؟

صديقي يكلمني دون أن يلتفت إلي ..

- أنا مرتاح هكذا .

قدماي تغوصان في الرمل أشعر ببرودة تسري بين أصابعي ، لا أريد ان أجلس .. أفضل أن أشعر بأنني متصل بشيء ما .

 

قرص الشمش لا يزال يغرق بعيدا .. نسائم المساء بدأت تهب إنها تجعل صفحة الماء ترتعش . 

العم "محمود " يزرر قميصه المفتوح  ويحرك خيط سنارته لا يظهر أنه يهتم بوجودنا .الأطفال أيضا منشغلون بلعبهم ،أحجار الدومينو ترتطم بين اصابعهم وتزيدهم نشوة .

- ماذا لو تغير الوضع ، لا أحد يدري .

صديقي يرمقني بنظرة تهكم .

- إذهب والعب الدومينو مع الأطفال .. أنت لا تفهمني .

 لا أدري لماذا أشعر بأن صدري يضيق كلما نظرت إلى بريق عينيه .. حقا لم يعد شيء يشده إلى هذه الأرض . إنه يتوق إلى برد الشمال !

- أترى ذلك العجوز هناك ؟

-  مابه ؟

- بجسده جروح تكفي كل البشر .

- لقد عاش حياته .

أطالع العم محمود وهو يجلس بصمت "هل عاش حياته حقا "  لقد أخذت الموجة اثنين من أبنائه وبالرغم من ذلك بقي راسخا لكأنما أتخيله امتداد للصخرة التي يجلس عليها ..

- والأطفال ؟

- مابهم أيضا ؟

- يبدو أن البحر لا يعنيهم .

- ألم أقل لك . أنت لا تفهمني .

بعض الصيادين يرجعون .. زوارقهم تلوح من بعيد ، إنها تبدو كأشباح تمشي على صفحة الماء الداكنة .

- بعضهم يعود .

صديقي يمج أنفاس سيجارته و يبتسم مرة أخرى .

 

أحد الأطفال يغادر حلقة اللعب ، قطع "الدومينو" لا تزال بيده يصوب نظرات حادة نحو أحد الزوارق العائدة ثم يعود إلى اللعب من جديد .أحد أصدقائه يرسل شتيمة عالية ..

ينظر باتجاهنا ثم يطأطأ رأسه . العجوز يحدجه بنظرة ساخطة لكنه لا يقول شيئا . لقد علق شيء ما بطعم سنارته لقد بدأ الخيط يشتد رويدا رويدا .

- العجوز سيصطاد شيئا اليوم .

صديقي  يغرز عقب سيجارته في الرمل وينزلق بأنظاره نحو العم "محمود" . الأطفال أيضا يتوقفون عن اللعب و يرقبون ما سيحدث ..

خيط السنارة على أشد ما يكون اشتدادا .. العم "محمود" يدفع بقوة إلى الأعلى ثم يلف البكرة ، عروق رقبته العريضة بدأت تظهر إنه يشد بقوة لا بد أنها سمكة كبيرة .

إنه يقف من مكانه الآن ، الراديو يسقط من جيب سترته لكنه لا يهتم .. أراه يتراجع قليلا إلى الخلف لكن رغم ذلك يبقى ثابتا ، يلف البكرة مرة أخرى ثم يرخي الخيط قليلا ..

السمكة بدأت تظهر تحت صفحة الماء إنها كبيرة جدا .

- ألم اقل لك . لا بد أنه سيصطاد شيئا اليوم .

- إصمت ، ستخيف السمكة .

أجدني أبتسم لأول مرة .  لقد بدأ يعود .. أشعر بذلك ، الضيق بصدري بدأ يخف ..

- إنها عالقة بالخطاف أيها الأحمق ، كيف أخيفها .

- إصمت إذن وشاهد .

الأطفال يقفون من مكانهم ويقتربون قليلا .. إنهم يريدون رِؤية السمكة الكبيرة ، العجوز لايزال يعاني في تثبيت خيط السنارة حركة السمكة تزداد عنفا ..

إنه يريد أن يرهقها لكنها تبدو قوية جدا . لقد بدأت الآن تقفز خارج الماء ..

العم "محمود" يميل يمينا وشمالا لكأنما يستعيد ذكريات الحرب القديمة ، أتخيله جنديا في الصفوف الأولى يكابد الويلات حتى ينتصر .. لا بد أن ينتصر !

- شد أيها العجوز .

صديقي لم يعد يستطيع إخفاء حماسه لقد وقف من مكانه هو الآخر .. قدماه تغوصان في الرمل ، إنه متصل بالأرض الآن !

الأطفال بدأو بالصراخ ، إنهم يشجعون العم "محمود ".. لم تعد أحجار الدومينو تهمهم  -" إدفع إلى الأعلى يا عمي " - إنهم يصرخون بكل قوتهم ..

العجوز يتجاسر ويواصل قتاله ! حركة السمكة تزداد اشتدادا إنها تتخبط بعنف كبير ، زعانفها الصدرية تبدو كأجنحة فولاذية ..

 

- أخشى أن ينقطع الخيط .

صديقي يجيبني بصوت مرتفع :

- لن ينقطع .

أجدني أبتسم للمرة الثانية .. أشعر بانشراح كبير في صدري .

- أجل .. لن ينقطع .

 

العم "محمود" يلف البكرة بسرعة كبيرة ويرفع السمكة من الماء بكل ما بقيت له من عزيمة ، توتر الخيط يخف . السمكة بدأت تضعف ، لقد استسلمت أخيرا. انتصر العجوز !

الأطفال يتعانقون بقوة ، إنهم مبتهجون جدا .. في أعينهم نظرات افتخار و أمل .

صديقي بجانبي يكابر لكن تقاسيم وجهه تفضحه .. إنه سعيد جدا . 

- لم ينقطع الخيط .

صديقي يصوب نظراته نحو الأفق النازف . يأخذ شهيقا طويلا ثم يغمض عينيه .

- أجل . لم ينقطع .

 

في البعيد يظهر البحر متسربلا بخيوط الضباب الثقيل ، بينما تختفي الشمس في لجة باهتة . 


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://soltan.sudanforums.net
 
ماض وحاضر
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سلطان العربية :: همس القوافي والخواطر-
انتقل الى: