Admin المدير العام
عدد المساهمات : 14550 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 01/02/2012
| موضوع: حـال الـدنيا السبت نوفمبر 26, 2016 3:07 pm | |
| [size=32] نتوكل على الله العلي القدير ونبدأ بفضله تعالى ونسأله التوفيق والسداد .[/size] كان يوجد ملك حكيم وفهيم؛ في يوم من الأيام كان جالساً يفكّر طويلاً بحال الدنيا، فلم يتوصل إلى نتيجة مرضية ومقنعة، فطلب من وزيره أن يعرف له حقيقة الدنيا وما فيها، وإلاّ سيقطع رأسه وأمهله ثلاثة أيام، فذهب الوزير إلى بيته وجلس يفكر حزيناً، كيف سيعرف حال الدنيا وما فيها دون نتيجة، وفي اليوم التالي خرج إلى البرية هائماً على وجهه حزيناً يائساً، وهو يمشي شاهد فلاّحاً يحرث أرضه وهو مسروراً ومبتهجاً، ويضرب موالاً في الروحة وموالاً في الرجعة . ذهب الوزير إلى الفلاح وسأله عن أحواله ثم قال له: أريد أن تقول لي كيف تنظر للدنيا وما فيها ؟. فقال الفلاح: يا وزير الزمان " الدنيا فيا وما فيا، والرضا فيها منّا وفيّا، واللي بيحفر لأخيه حفرة بيوقع فيّا " . فرح الوزير بهذا الجواب وعاد مسرعاً إلى الملك وقال له: لقد عرفت الجواب يا ملك الزمان وأعاد عليه ما سمع من الفلاّح، فسرّ الملك بهذا الجواب وفكّر قليلاً وقال لوزيره: والله هذا الجواب ليس من عندك، ستقول لي ممن سمعت هذا الكلام وإلاّ سأقطع رأسك. حاول الوزير أن يتهرب من الجواب، ولكن الملك أصرّ عليه فأخبره بقصة الفلاّح، فأمر الملك عسكره فأحضروا له الفلاّح في الحال بين يديه، فسأله الملك عن حقيقة الدنيا، فأجابه الفلاّح بالجواب ذاته. فسرّ الملك منه وأعطاه ليرة ذهبية، وقال له: كل يوم تمرّ لعندي صباحاً، وتعيد لي هذا الكلام وتأخذ ليرة ذهبية، فقال الفلاّح: سمعاً وطاعة يا ملك الزمان. ثم انصرف وعند خروجه وجد أعمى على باب الملك يتسول، فأعطاه الليرة الذهبية ومضى إلى بيته. مضى على الفلاّح عدّة أيام يدخل إلى الملك، ويقول له الكلام ذاته، ويأخذ عليه ليرة ذهبية ويعطيها للأعمى عند خروجه إلى أن أوقفه الأعمى مرّة، وسأله عن قصته ولمَ يدخل كل يوم إلى الملك، ويخرج بليرة ذهبية ويعطيها له ؟ فقصّ عليه الفلاّح حكايته، فحسده الأعمى وأراد أن يكيد له، فدخل إلى الملك بعد خروج الفلاح، وقال للملك: إن الفلاّح يقول أن رائحة فمك كريهة. فغضب الملك وأضمر الشر للفلاّح، وفي اليوم التالي عند دخول الفلاّح أوقفه الأعمى وقال له: سمعت الملك يقول: إن رائحة فمك كريهة وهو متضايق منك. فوضع الفلاح لثاماً على فمه حتى لا يشم الملك رائحته، ولمّا شاهده الملك تأكّد من قول الأعمى، وبعد أن ردّد على مسامعه الكلام قال له الملك: اليوم ليس معي ليرات ذهبية، ولكني سأكتب لك كتاباً إلى فرن الاعتراف في المملكة، فتذهب إليه وتعطيهم الكتاب، فيكرموك كما تستحق . أخذ الفلاّح الكتاب مختوماً، ولم يعرف ما يحتويه وعند خروجه استقبله الأعمى، فقال له: الملك أعطاني هذا الكتاب إلى فرن الاعتراف بدلاً من الليرة الذهبية، وسيعطوني الجائزة هناك فخذه أنت واحصل على نصيبك . أخذ الأعمى الكتاب فرحا وبحث عن فرن الاعتراف حتى وصل إليه، فدفع لهم الكتاب، فأخذه مدير الفرن وفتحه فوجد فيه: إذا وصلكم حامل هذا الكتاب، فضعوه في بيت النار فوروصوله . فنفذوا أوامر الملك ووضعوا الأعمى في بيت النار وأحرقوه في الحال... يرجع كلامنا إلى الفلاّح أتى كالعادة في صباح اليوم التالي، ودخل على الملك، فاستغرب الملك من رؤيته وسأله ماذا فعلت بالكتاب ؟ أجابه الفلاح: أنه منذ أول مرة أحضره فيها الملك، يأخذ الليرة الذهبية، وعند خروجه يعطيها للأعمى الذي يقف على بابه وكذلك فعل بالكتاب. فاستغرب الملك هذه القصة وعرف حقيقة الأعمى وحسده للفلاح، وأنه حاول الكيد له، فقال للفلاّح: منذ اليوم سأعينك مستشاري الأول وستجلس بجانبي، فحاول الفلاّح الاعتذار لكن الملك أصر على قراره، فأصبح الفلاّح من أكثر المقربين للملك، فدبّ الحسد في نفس الوزير منه هذه المرة، وأصبح يكيد له عند الملك ويتهمه بشتى الاتهامات، فقال مرّة للملك: إن هذا الفلاّح نصّاب ولا يعرف شيئاً، وأنه يدعي الحكمة والمعرفة وإذا أردت سأكشفه أمامك في الحال بسؤاله عن أمر واحد. فجمع الملك الفلاّح والوزير معاً وقال: هات ما عندك يا وزير ؟ فقال الوزير: سأسأله يا مولاي عن ثلاث كلمات فإن عرف معناها أقطع رأسي، وإن لم يعرف معناها يكون كاذباً وتقطع رأسه. فوافق الملك وأحضر السياف، ووقف بينهماً لتنفيذ أوامر الملك في الحال . سأل الوزير الفلاح: ما معنى الكلمات الثلاث: بو ... بو ... بو ففكّر الفلاّح قليلاً ثم أجابه: أول بو معناها: " الله لا يطفي للكريم ضو، وثاني بو معناها: عمرها شجرة ما وصلت للجو، وثالث بو معناها: الله على الحسود اللي محضرو سو . فأمر الملك بقطع رأس الوزير في الحال، وعين الفلاّح وزيراً بدلاً منه وزوجه ابنته وعاشوا في الفرح والنعيم وطيّب الله عيش السامعين . [size=32][/size] |
|