ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:
*
((عليكم بالصدق!فإن الصدق يهدي إلى البر، و إن البر يهدي إلى الجنة، و لا يزال الرجل يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.و إياكم و الكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، و إن الفجور يهدي إلى النار، و لا يزال الرجل يكذب، و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا))
*
*أخرجه البخاري في كتاب الأدب. فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن الصدق أصل يستلزم البر، و أن الكذب يستلزم الفجور.
********************
و قد قال تعالى:
*
{إن الأبرار لفي نعيم و إن الفجار لفي جحيم}*الآية 14 من سورة الإنفطار.
و لهذا كان بعض المشايخ إذا أمر بعض متبعيه بالتوبة و أحب أن لا ينفره و لا يشعب قلبه أمره بالصدق.
و لهذا كان يكثر في كلام مشايخ الدين و أئمة ذكر الصدق و الإخلاص
حتى يقولوا: قل لمن لا يصدق لا يتبعني.
و يقولوا: الصدق سيف الله في الأرض و ما وضع على شيء إلا قطعه.
و الصدق و الإخلاص هما في الحقيقة تحقيق الإيمان و الإسلام،
فإن المظهرين للإسلام ينقسمون إلى مؤمن و منافق،
و الفارق بين المؤمن و المنافق هو الصدق فإن أساس النفاق الذي يبنى عليه هو الكذب، و لهذا إذا ذكر الله حقيقة الإيمان نعته بالصدق
كما في قوله تعالى:{قالت الأعراب آمنا، قل: لم تؤمنوا، و لكن قولوا: أسلمنا}إ
لى قوله تعالى:{إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله، ثم لم يرتابوا و جاهدوا بأمواهم و أنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون}
*الآيتان 14/15 من سورة الحجرات.
فأخبر أن الصادقين في دعوى الإيمان هم المؤمنون الذين لم يتعقب إيمانهم ريبة و جاهدوا في سبيله بأموالهم و أنفسهم،
و ذلك أن هذا هو العهد المؤخوذ على الأولين و الآخرين.
و كذلك وصف الصادقين في دعوى البر الذي هو جماع الدين
في قوله تعالى:{ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين}
إلى قوله تعالى:{أولئك الذين صدقوا و أولئك هم المتقون}
*الآية 5 من سورة البقرة.
و أما المنافقون فوصفهم سبحانه بالكذب في آيات متعددة
كقوله تعالى:{في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}
*الآية 10 من سورة البقرة.
و قوله تعالى:{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله و الله يعلم إنك لرسوله و الله يشهد إن المنافقين لكاذبون}
*الآية 1 من سورة المنافقون.
و المنافق ضد المؤمن الصادق، و هو الذي يكون كاذبا في خبره أو كاذبا في عمله كالمرائي في عمله.
قال الله تعالى:{إن المنافقين يخادعون الله و هو خادعهم و إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس}
*الآية 142 من سورة النساء